السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احبابى الكرام كتب شيخنا د.شهاب أبوزهو عن هذا الموضوع دعوة 40 غريب مستجابة وقال
********
دعوة ٤٠ غريبًا مستجابة!
كثر تناول هذه العبارة: (دعوة ٤٠ غريبًا مستجابة)، وسألني بعضهم عن حقيقتها، وهل هي جائزة؟
فأقول وبالله التوفيق:
أولًا:
لم أجدها كحديثٍ مرويٍّ عن النبي ﷺ، ولا عن أحد من علماء الأمة.
ثانيًا :
بحثت عن تكييفٍ لهذه المقولة يدلل على أصلها، فوجدت التالي:
١- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: (ثلاثُ دَعواتٍ لا شكَّ في إجابتهِنَّ: دَعوةُ المظلومِ، ودَعوةُ المسافرِ، ودعوةُ الوالدِ على الولَدِ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة بسند حسَنٍ لغيْرِه.
وفي هذا الحديثِ: التَّرغيبُ في إكثارِ الدُّعاءِ في السَّفرِ؛ لأنَّه مستجابٌ.
٢- روى مسلم عن صفوان بن عبدالله بن صفوان [وكان زوج ابنة أبي الدرداء] قال: قَدِمْتُ الشّامَ، فأتَيْتُ أَبا الدَّرْداءِ في مَنْزِلِهِ، فَلَمْ أَجِدْهُ وَوَجَدْتُ أُمَّ الدَّرْداءِ، فَقالَتْ: أَتُرِيدُ الحَجَّ العامَ، فَقُلتُ: نَعَمْ، قالَتْ: فادْعُ اللَّهَ لَنا بخَيْرٍ، فإنَّ النبيَّ ﷺ كانَ يقولُ: (دَعْوَةُ المَرْءِ المُسْلِمِ لأَخِيهِ بظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتَجابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّما دَعا لأَخِيهِ بخَيْرٍ، قالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بهِ: آمِينَ وَلَكَ بمِثْل).
وفي هذا الحديث: فضل دعاء المسلم لأخيه الغائب عنه، والحث عليه.
٣- روى الإمام مسلم في "صحيحه" عن عبدِ اللهِ بنِ عَبّاسٍ، أنَّهُ ماتَ ابْنٌ له بقُدَيْدٍ، أَوْ بعُسْفانَ، فَقالَ: يا كُرَيْبُ [خادم ابن عباس وتلميذه]، انْظُرْ ما اجْتَمع له مِنَ النّاسِ، قالَ: فَخَرَجْتُ، فَإِذا ناسٌ قَدِ اجْتَمَعُوا له، فأخْبَرْتُهُ، فَقالَ: تَقُولُ هُمْ أَرْبَعُونَ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: أَخْرِجُوهُ، فإنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ ﷺ يقولُ: (ما مِن رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيَقُومُ على جَنازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، لا يُشْرِكُونَ باللَّهِ شيئًا، إلّا شَفَّعَهُمُ اللَّهُ فِيهِ) .
يَروي كُرَيْبٌ عن عَبدِ اللهِ بنِ عبّاسٍ «أنَّه ماتَ له ابنٌ»، أي: ماتَ ابنٌ لعَبدِ اللهِ بنِ عبّاسٍ «بِقُدَيد أو بعَسَفان»، وهُما مَوضعانِ قريبانِ مِن مكَّةَ، فَقال عبدُ اللهِ: «يا كُريبُ! انظُرْ ما اجتَمعَ لَه منَ النّاسِ»، أيِ: اذهبْ لتَرى وتَعلمَ عددَ النّاسِ الَّذين اجتَمَعوا لتَشييعِه «فَأخبرتُه»، أي: فَأخبرتُه بِهم وبِاجتماعِهم وبِعددِهم، فَقال ابنُ عبّاسٍ: «تَقولُ»، أي: تَظنُّ أو تُقدِّر عَددَهم «هُم أَربعونَ؟»، فأَجابَ كُريبٌ: «نَعمْ»، وَفي رِوايةِ ابنِ ماجهْ: فَقال ابنُ عبّاسٍ: «وَيحكَ كمْ تَراهُم، أَربعينَ؟ قُلتُ: لا بلْ هُم أكثرُ»، فقالَ ابنُ عبّاسٍ: «أَخرِجوه»، أي: أَخرِجوا الميِّتَ للصَّلاةِ عليهِ، «فإنِّي سَمِعْت رَسولَ اللهِ ﷺ يَقولُ: " ما مِن رَجلٍ مُسلمٍ يَموتُ فيَقومُ عَلى جَنازتِه أَربعونَ رَجلًا»، أي: يَقومُ للصَّلاةِ، «عَلى جَنازتِه أَربعونَ رَجلًا»، أي: فيُصلُّون عليهِ ويَدعونَ له، وهُم «لا يُشرِكون باللهِ شيئًا»، وَفي رِوايةِ ابنِ ماجَه: «ما مِن أَربعينَ مُؤمنٍ يَشفَعونَ لمُؤمنٍ»، «إلّا شَفَّعَهم اللهُ فيهِ»، أي: قَبِلَ شَفاعتَهم في حقِّ ذلكَ الميِّت.
✔️ من خلال الأحاديث السابقة - والله أعلم - اقتُبِستْ المقولة: (دعوة ٤٠ غائبًا مستجابة)، اجتهادًا من قائلها، على أن الأصل أنه لا يشترط هذا العدد، مع تسويغي لطلب الدعاء من ٤٠ غائبًا؛ استئناسًا بما ذكرت من الأحاديث، والله أعلم، ونسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال والدعاء.
🌹تحياتي الزاكيات🌹
د. شهاب أبو زهو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق